تُعد الإجازات المرضية في نظام العمل السعودي من الحقوق الجوهرية التي أقرها المشرّع حمايةً لصحة العامل وضمانًا لاستقراره المهني.
وقد نصّ نظام العمل السعودي في المادة (117) بوضوح على حق العامل في الحصول على إجازة مرضية مدفوعة الأجر وفق مدد وشروط محددة، بناءً على تقرير طبي معتمد. ورغم أن النص النظامي يبدو واضحًا في ظاهره، إلا أن هناك العديد من التفاصيل الخفية التي لا تُذكر صراحة، والتي يمكن أن تُحدث فارقًا كبيرًا في فهم حقوق العامل، وفي حماية تلك الحقوق من أي انتقاص.
يكشف هذا المقال 5 أسرار عن الإجازات المرضية في نظام العمل السعودي — أسرار يغفل عنها الكثيرون، لكنها قد تكون حاسمة في ضمان ممارسة هذا الحق على نحو صحيح ومتوافق مع أحكام النظام. كما يمكنك تحميل نظام العمل السعودي pdf عبر الرابط انقر هنا.
هل واجهت مشكلة حول إجازة مرضية؟ تواصل مع محامٍ خبير عبر واتساب للحصول على استشارة فورية وحلول قانونية فعالة.
ما هي الإجازات المرضية في نظام العمل السعودي؟
تُعد الإجازات المرضية في نظام العمل السعودي أحد أنواع الإجازات المستحقة وحقًا نظاميًا أصيلًا يهدف إلى تمكين العامل من التعافي أثناء فترة المرض، دون المساس باستقرار علاقته التعاقدية أو بحرمانه من الأجر المستحق.
وقد نظّم المشرّع هذا الحق بشكل واضح في المادة (117) من نظام العمل السعودي، حيث نصّت على ما يلي:
“يحق للعامل، إذا ثبت مرضه بموجب تقرير طبي معتمد من الجهة المختصة، الحصول على إجازة مرضية مدفوعة الأجر عن المدد التي يحددها هذا النظام.”
بموجب هذا النص، يصبح حق العامل في الإجازات المرضية في نظام العمل السعودي مرهونًا بتحقق شرطين أساسيين:
- وجود مرض مثبت بتقرير طبي رسمي ومعتمد؛ وهو ما يضمن الجدية ويُجنّب إساءة استخدام الحق.
- تقيد المدد والأجر بما حدده النظام؛ لضمان الموازنة بين مصلحة العمل وحماية حقوق العامل.
ولا يجوز لصاحب العمل تعطيل ممارسة هذا الحق أو اشتراط موافقات إضافية عليه خارج الإطار النظامي. كما أن الإجازة المرضية تدخل ضمن منظومة الإجازات النظامية المعترف بها، ولا يجوز اعتبارها تغيبًا غير مشروع ما دامت مستوفية للشروط النظامية.
5 أسرار عن الإجازات المرضية في نظام العمل السعودي
رغم وضوح المادة (117) من نظام العمل السعودي في تنظيم حق العامل في الإجازة المرضية، إلا أن التطبيق العملي لهذا الحق يكشف عن العديد من التفاصيل القانونية الدقيقة التي قد لا يدركها الكثير من العاملين أو حتى بعض أصحاب العمل.
ويمثّل الاطلاع على هذه التفاصيل فارقًا هامًا في كيفية ممارسة هذا الحق، وفي حماية العامل من أي انتقاص أو سوء تطبيق قد يُعرّضه لمخاطر مالية أو تعاقدية.
فيما يلي 5 أسرار قانونية هامة يجب معرفتها عن الإجازات المرضية في نظام العمل السعودي:
1. كم مدة الإجازة المرضية التي يحق للعامل الحصول عليها؟
تُعد مدة الإجازات المرضية في نظام العمل السعودي من أكثر الجوانب التي يُساء فهمها في بيئة العمل. ونصّت المادة (117) من نظام العمل السعودي بوضوح على حق العامل في الحصول على إجازة مرضية مدفوعة الأجر وفق مدد محددة، بناءً على تقرير طبي معتمد.
ويتيح النظام للعامل الاستفادة من إجازة مرضية تصل إلى 120 يومًا خلال السنة الواحدة، تُحتسب من تاريخ بدء الإجازة وفق الآتي:
يُخطئ كثير من العاملين في الاعتقاد بأن الإجازة المرضية تُمنح دائمًا بأجر كامل طوال مدتها، في حين أن النظام يُفرّق صراحة بين مراحل الإجازة وفق النسب الموضّحة أعلاه. كما:
- تُعد مدة الإجازة المرضية حقًا ثابتًا للعامل متى ما استوفى الشروط النظامية (تقرير طبي معتمد).
- لا يجوز لصاحب العمل تقليص هذه المدة أو تعديل نسبة الأجر المستحقة خلالها.
- تبدأ الإجازة المرضية من تاريخ اعتماد التقرير الطبي، ولا يجوز إيقافها بدون موافقة العامل.
فهم هذا السر يمكّن العامل من تقدير أثر الإجازة المرضية على أجره الشهري بدقة، واتخاذ القرارات المناسبة في حال احتاج إلى تمديدها أو التنسيق مع جهة العمل بشأنها.
2. كيف يُحسب أجر الإجازة المرضية في السعودية؟
رغم أن نظام العمل السعودي حدّد مدد الإجازة المرضية ونِسب الأجر المستحق عنها في المادة (117)، إلا أن هناك تفاصيل دقيقة تتعلق بطريقة احتساب الأجر الفعلي، يغفل عنها كثير من العاملين.
عند احتساب الأجر أثناء الإجازة المرضية، يجب مراعاة ما يلي:
- يُحسب الأجر المستحق عن كل يوم عمل، وليس عن أسابيع أو أشهر مجمعة.
- الأجر يُحتسب على أساس الأجر الإجمالي الذي يتقاضاه العامل (شاملاً البدلات المستحقة نظامًا، مثل بدل السكن أو النقل، إذا كانت تشكل جزءًا من الأجر المتفق عليه).
- نسبة الأجر تختلف حسب المرحلة من الإجازة (أجر كامل، ثم 75%، ثم بدون أجر)، ويتم تطبيق النسبة على الأجر الإجمالي المستحق.
- أي يوم من الإجازة المرضية يقع ضمن عطلة رسمية أو نهاية أسبوع يُحسب ضمن الإجازة إذا كان مشمولًا بالتقرير الطبي، ولا يمنح عنه أجر إضافي مستقل.
ومن الأخطاء الشائعة:
- اعتبار العامل أن البدلات لا تدخل في احتساب الأجر أثناء الإجازة — وهو خطأ، إذ أن الأجر يشمل جميع المزايا المستحقة قانونًا.
- الخلط بين احتساب الأجر الشهري المعتاد واحتساب الأجر خلال الإجازة المرضية، حيث تُحتسب نسبة الأجر يوميًا منذ أول يوم في كل مرحلة.
فهم هذه التفاصيل يُمكّن العامل من التحقق من صحة الرواتب التي تُصرف له خلال الإجازة المرضية، وضمان تطبيق النسب النظامية بشكل صحيح.
3. هل يحق لصاحب العمل رفض الإجازة المرضية؟
من أكثر التساؤلات شيوعًا بين العاملين: هل يمكن لصاحب العمل قانونًا أن يرفض منح الإجازة المرضية؟
الجواب يرتبط صراحة بما نصت عليه المادة (117)، التي أكّدت أن الإجازات المرضية في نظام العمل السعودي حق للعامل متى ثبت مرضه بموجب تقرير طبي معتمد من جهة مختصة.
وبالتالي:
- لا يجوز لصاحب العمل رفض طلب الإجازة المرضية إذا توفّرت الشروط الآتية:
- تقديم العامل تقرير طبي رسمي معتمد، يُبيّن مدة الإجازة الموصى بها.
- أن تكون الإجازة ضمن الحدود النظامية المقررة (حتى 120 يومًا في السنة الواحدة).
- يجوز لصاحب العمل اتخاذ بعض الإجراءات النظامية المشروعة:
- التحقق من صحة التقرير: يحق لصاحب العمل — عبر القنوات النظامية — التحقق من صحة التقرير الطبي إذا وُجد شك معقول بشأن صحته، شريطة احترام سرية الحالة الصحية للعامل.
- تنظيم الإجازات الإدارية الأخرى: لا يشمل ذلك الإجازة المرضية، التي تبقى حقًا مستقلًا.
- ولا يجوز بأي حال:
- اشتراط موافقة مسبقة لصحة الإجازة المرضية؛ فالإجازة تُمنح بناءً على الحالة الصحية المثبتة، وليس وفق تقدير صاحب العمل.
- رفض صرف الأجر المستحق خلال مدة الإجازة المرضية النظامية.
- اعتبار غياب العامل تغيبًا غير مشروع إذا كان مصحوبًا بتقرير طبي صحيح.
وبذلك، يُعد رفض صاحب العمل غير المشروع للإجازة المرضية مخالفة صريحة لأحكام النظام، ويُخوّل العامل اللجوء إلى الجهات المختصة للدفاع عن حقوقه.
4. هل تُحتسب الإجازة المرضية ضمن مدة الخدمة؟
تُثير مسألة احتساب الإجازة المرضية ضمن مدة الخدمة الكثير من اللبس بين العاملين، خصوصًا فيما يتعلق بتأثيرها على الحقوق المرتبطة بمدة الخدمة، مثل مكافأة نهاية الخدمة أو استحقاق الإجازة السنوية.
وفقًا للأحكام العامة في نظام العمل السعودي، تُعد الإجازة المرضية جزءًا من الإجازات النظامية التي يتم احتسابها ضمن مدة الخدمة المستمرة للعامل، طالما كانت ضمن الحدود النظامية المنصوص عليها (حتى 120 يومًا في السنة الواحدة، بموجب المادة 117).
ما يعنيه ذلك عمليًا:
- تُحسب مدة الإجازة المرضية ضمن السنوات التي يُبنى عليها احتساب مكافأة نهاية الخدمة.
- لا يُخصم من مدة الخدمة المستمرة بسبب التمتع بإجازة مرضية نظامية.
- لا تؤثر الإجازة المرضية النظامية على استحقاق الإجازة السنوية أو على أحقية العامل في العلاوات المرتبطة بمدة الخدمة.
في المقابل:
إذا تجاوز العامل المدد النظامية المقررة للإجازة المرضية (120 يومًا في السنة)، قد يُعد غيابه خارج الإطار النظامي، ما قد يؤثر على استمرارية العلاقة العمالية وعلى احتساب تلك المدد الزائدة.
فهم هذا الجانب يمكّن العامل من تقدير أثر الإجازة المرضية على مجمل استحقاقاته القانونية، وضمان عدم انتقاص أي من حقوقه بسبب غياب مشروع ومستحق قانونًا.
5. متى يمكن لصاحب العمل إنهاء العقد بسبب الإجازة المرضية؟
على الرغم من أن حق العامل مكفول في الإجازات المرضية في نظام العمل السعودي، إلا أن هذا الحق ليس مطلقًا، بل تحكمه ضوابط تحدد متى يجوز لصاحب العمل إنهاء العقد بسبب تجاوز العامل للمدد النظامية المقررة.
وفقًا لما نصّت عليه المادة (118) حول الإجازات المرضية في نظام العمل السعودي:
“إذا لم يتمكن العامل من العودة إلى عمله بعد انقضاء المدد المنصوص عليها في المادة (117)، جاز لصاحب العمل إنهاء عقد العمل.”
وبالتالي، لا يجوز إنهاء عقد العامل بسبب الإجازة المرضية إلا في حالة واحدة محددة وهي إذا تجاوزت الإجازة المرضية النظامية مدة 120 يومًا في السنة الواحدة، ولم يعد العامل إلى العمل بعد انتهاء هذه المدة.
نقاط هامة يجب معرفتها:
- لا يجوز إنهاء العقد أثناء الإجازة المرضية النظامية (120 يومًا).
- أي إنهاء للعقد قبل انقضاء المدد القانونية يُعد فصلًا تعسفيًا يخوّل العامل المطالبة بالتعويض.
- بعد انقضاء 120 يومًا، يجب على صاحب العمل اتباع الإجراءات النظامية لإشعار العامل قبل إنهاء العقد.
- لا يجوز تجاوز حق العامل في تعويضاته النظامية (عن الأجر المستحق، مكافأة نهاية الخدمة، الإجازات غير المستخدمة…) حتى في حال إنهاء العقد بعد المدة.
بهذا التنظيم، يتّضح أن إنهاء العقد بسبب الإجازة المرضية محكوم بشرط دقيق جدًا، وأن العامل يتمتع بحماية قوية طالما بقي ضمن المدد النظامية.
الأسئلة الشائعة
أبرز الأسئلة الشائعة حول الإجازات المرضية في نظام العمل السعودي:
كم عدد أيام الإجازة المرضية المسموح بها في القطاع الخاص؟
يحق للعامل في القطاع الخاص، وفقًا لنظام العمل السعودي، الحصول على إجازة مرضية تصل إلى 120 يومًا في السنة الواحدة، تُوزع وفق المدد والأجر المحدد في المادة (117).
هل كثرة الإجازات المرضية تؤثر على الموظف؟
نعم، إذا تجاوزت الإجازات المرضية الحد النظامي المسموح به (120 يومًا في السنة)، قد يمنح ذلك صاحب العمل حق إنهاء العقد وفق المادة (118).
كما أن الإجازات غير النظامية أو المتكررة بدون مبرر طبي واضح قد تؤثر على تقييم الأداء الوظيفي.
هل يعتبر مشهد الحضور إجازة مرضية؟
لا، مشهد الحضور (أو مشهد المراجعة الطبية) لا يُعد بحد ذاته تقريرًا طبيًا مبررًا لإجازة مرضية.
للاستفادة من الإجازة المرضية النظامية، يجب تقديم تقرير طبي معتمد يحدد مدة الإجازة الموصى بها، صادر عن جهة طبية معتمدة.
يمثّل فهم التفاصيل القانونية الدقيقة المتعلقة بـ الإجازات المرضية في نظام العمل السعودي عنصرًا بالغ الأهمية في حماية حقوق العامل وضمان ممارستها بشكل سليم.
فرغم بساطة النص النظامي، إلا أن التطبيق العملي لهذا الحق يكتنفه العديد من الجوانب التي قد تُحدث فارقًا حقيقيًا في مسار العلاقة العمالية.
وقد كشف هذا المقال خمسة أسرار قانونية محورية تساعد العامل وأصحاب العمل معًا في الإحاطة الكاملة بالأحكام التي تنظّم الإجازة المرضية، وبكيفية التعامل معها وفقًا لما أقره النظام.
وفي ظل تنامي الوعي العمالي في المملكة، يظل الاطلاع المستمر على هذه الحقوق، وطلب المشورة القانونية المتخصصة عند الحاجة، من أهم الضمانات لتحقيق التوازن والعدالة داخل بيئة العمل، تفضل بزيارة موقع شركة محاماة في السعودية.
وللتواصل المباشر مع محامي مختص، تواصل عبر الأرقام الظاهرة في صفحة تواصل معنا.
من المواضيع ذات الصلة التي قد تهمك: كم مدة إجازة الوفاة في نظام العمل السعودي؟ هذا ما يقوله نظام العمل بوضوح. وكم تستحق مقابل العمل الإضافي في السعودية، و 8 بنود أساسية يجب أن يتضمنها عقد العمل في السعودية.
عبدالله، محامٍ سعودي ذو خبرة واسعة، يبلغ من العمر 38 عامًا، يتمتع بنظرة ثاقبة وحضور واثق. متخصص في تقديم الاستشارات القانونية وتمثيل العملاء في القضايا المعقدة. يهتم بتعزيز الوعي القانوني ويمتاز بأسلوب واضح واحترافي، ويحرص دائمًا على توظيف خبرته لتحقيق أفضل النتائج لموكليه.
