منذ اعتماد نظام العمل السعودي الجديد وتعديله الأخير عام 1436هـ، احتلّت المادة 77 موقعًا محوريًا في النقاشات القانونية والإدارية داخل المملكة، وذلك لما لها من تأثير مباشر على عقود العمل وحالات الفصل دون مبرر مشروع.
جاءت هذه المادة ضمن جهود إصلاح سوق العمل بما يضمن المرونة والمواءمة مع مستهدفات رؤية 2030، خصوصًا في ظل التوسع في القطاع الخاص، وازدياد الحاجة إلى نماذج تعاقدية مرنة.
لكن مع التطبيق، بدأت تتشكل تساؤلات جوهرية من جانب الموظفين، أصحاب الأعمال، والمستشارين القانونيين: هل تُحقّق المادة 77 التوازن المطلوب بين الطرفين؟ وهل يُمكن استخدامها كأداة لفصل نظامي ظاهري ومجحف فعلي؟
في هذا المقال، نُقدّم تحليلًا قانونيًا دقيقًا لثلاثة إشكالات رئيسية في تطبيق المادة، مع استعراض تأثيراتها على بيئة العمل في السعودية، كما وفرت لك شركة الرواد الأولى إمكانية تحميل نظام العمل السعودي pdf بشكل مجاني عبر الرابط السابق.
هل تواجه تحديًا يتعلق بتطبيق المادة 77 في عقدك الوظيفي؟ تواصل الآن عبر واتساب لتحصل على استشارة قانونية فورية من محامٍ مختص في قضايا العمل.
مقدمة تحليلية في المادة 77 من نظام العمل السعودي
تُعد المادة 77 من نظام العمل السعودي واحدة من أكثر مواد النظام إثارةً للنقاش في الأوساط القانونية والإدارية، لما لها من أثر مباشر على العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل، وخاصة في حالات إنهاء العقد دون سبب مشروع.
وقد جاءت هذه المادة ضمن الإصلاحات النظامية الحديثة التي هدفت إلى تنظيم سوق العمل، وتحقيق المرونة المنشودة في التوظيف، لكنها في المقابل طرحت أسئلة قانونية جوهرية حول عدالة التعويض، وضمانات الحماية، وتوازن السلطة التعاقدية.
تنص المادة على أن:
“إذا أنهى أحد طرفي العقد العقد لسبب غير مشروع، فإنه يلتزم بتعويض الطرف الآخر بمقدار أجر خمسة عشر يومًا عن كل سنة من سنوات خدمة العامل، إذا كان العقد غير محدد المدة، وبأجر المدة الباقية من العقد إذا كان محدد المدة.”
لكن، هل يكفي هذا التعويض لضمان حماية العامل؟ وهل يُستخدم النص لحماية الطرف الأضعف، أم لتبرير قرارات فصل قد تكون في ظاهرها نظامية وفي باطنها مجحفة؟
فإذا كنت موظفًا، صاحب عمل، أو مستشارًا قانونيًا، فهذه القراءة التحليلية مصممة لتمنحك رؤية واضحة لاستخدام المادة 77 بوعي ومسؤولية.

1. معيار التعويض في المادة 77: هل هو كافٍ لضمان العدالة؟
نص المادة 77 من نظام العمل السعودي بهذه الصيغة القانونية تهدف إلى تنظيم حالات الإنهاء غير المشروع للعقود، لكنها في الواقع أثارت نقاشًا واسعًا حول مدى كفاية هذا التعويض لحماية حقوق العامل. ورغم أن النص يمنح تعويضًا ماليًا، إلا أن التطبيق العملي أظهر أن:
- أجر 15 يومًا عن كل سنة خدمة قد لا يعادل حتى الأضرار المالية والنفسية الناتجة عن الفصل المفاجئ.
- لا يُراعي النص طبيعة العمل أو المنصب أو التزامات العامل عند احتساب التعويض.
- بعض الموظفين يتلقون تعويضًا لا يُغطي حتى شهرًا واحدًا من مصاريفهم الفعلية.
غياب التبرير الإلزامي للفصل
من أبرز الإشكالات أن نظام العمل السعودي لا يشترط على صاحب العمل ذكر أو إثبات سبب الفصل، مما يجعل المادة أداة قابلة لـ:
- الاستخدام الإداري السريع للفصل.
- الفصل “النظامي – غير العادل” في بعض الحالات.
- إنهاء عقود موظفين أكفاء دون مساءلة واضحة، ما دام التعويض دُفع.
وجهة النظر المقابلة: مرونة لصاحب العمل
يرى بعض أصحاب الأعمال أن المادة تُقدّم توازنًا مقبولًا من حيث:
- تسهيل الخروج من العلاقة التعاقدية.
- تقليل الأعباء طويلة الأجل في حالة الأداء الضعيف أو التغيرات الهيكلية.
- تعزيز بيئة عمل مرنة تشجع على الاستثمار.
هل المطلوب تعديل المادة؟
من زاوية العدالة التعاقدية، يقترح كثير من المختصين أن يتم:
- ربط التعويض بمستوى الأجر والمنصب.
- إلزام جهة العمل بتبرير مكتوب للفصل.
- رفع الحد الأدنى للتعويض في حال تجاوز العامل مدة معينة في الخدمة (مثلاً 5 سنوات).
2. هل تُستخدم المادة 77 كأداة للفصل دون مبرر مشروع؟
رغم أن المادة 77 جاءت ضمن توجه تشريعي يهدف إلى تحقيق المرونة في سوق العمل السعودي، إلا أن التطبيق العملي أظهر أنها قد تُستخدم أحيانًا لفصل الموظف دون أن يرتكب خطأ مهنيًا واضحًا أو يُخلّ بعقد العمل. فبمجرد دفع التعويض المنصوص عليه، يُصبح الفصل نظاميًا، حتى وإن افتقر إلى مبرر حقيقي أو أخلاقي.
وقد أظهرت بعض القرارات العمالية حالات لفصل موظفين أكفاء بسبب “إعادة هيكلة”، أو “تغيير في السياسة الإدارية”، دون منحهم فرصة للدفاع عن أنفسهم، أو حتى معرفة أسباب الفصل.
موقف القضاء والجهات العمالية
المحاكم العمالية في السعودية لا ترفض تطبيق المادة 77، لكنها تُفرّق بين الفصل القانوني والفصل التعسفي المغلّف بنظام العمل السعودي.
وفي بعض الحالات، قد تُلزم المحكمة صاحب العمل بتعويض إضافي أو اعتبار الإنهاء غير مشروع، إذا ثبت وجود نية إساءة أو تحايل على النظام، رغم وجود تعويض المادة 77.
كما أن وزارة الموارد البشرية تشدد عبر منصاتها على أهمية عدم استغلال المادة 77 كغطاء للفصل غير العادل، وتُشجع الموظفين على تقديم اعتراضاتهم عند الشعور بالضرر، مع إرفاق الأدلة.

3. هل يُسبب غموض المادة 77 خسارة حقوق الموظف؟
من أبرز المشكلات العملية في تطبيق المادة 77 أنها تُستخدم أحيانًا دون توصيف قانوني دقيق لطبيعة الإنهاء. فهل ما حدث فصل؟ أم استقالة؟ أم إنهاء عقد باتفاق الطرفين؟
هذا الالتباس في التصنيف قد يُسبب آثارًا قانونية خطيرة على الموظف، منها:
- الحرمان من دعم ساند: إذا سُجلت الحالة “استقالة”، فلن يستحق الموظف التعويض من نظام التأمين ضد التعطل عن العمل.
- فقدان الحق في الطعن القضائي: إذ تُقيّد بعض الحالات باعتبارها اتفاقًا مشروعًا، رغم كونها فصلًا فعليًا تحت غطاء قانوني.
- ضياع مكافأة نهاية الخدمة أو جزء منها في حال اعتُبر الإنهاء ناتجًا عن “إرادة العامل”.
أهمية التكييف القانوني الصحيح وبدائل المادة 77
في نظام العمل السعودي ومن الناحية القانونية، تختلف المادة 77 عن المادة 80 (التي تعالج الفصل المشروع لأسباب تأديبية)، وعن المادة 75 (الإنهاء باتفاق). وقد لاحظت المحاكم العمالية أن التصنيف غير الدقيق يُستخدم أحيانًا من بعض الشركات لتقليل التزاماتها المالية أو تقييد حقوق الموظف.
لذلك، من الضروري أن يُذكر في نموذج إنهاء الخدمة أو في الخطاب الإداري:
- سبب الإنهاء بوضوح.
- المادة النظامية المستند إليها.
- مدى أحقية الموظف في التعويض ومكافأة الخدمة وساند.
وقد نصت وزارة الموارد البشرية في أكثر من توجيه على أهمية توثيق أسباب إنهاء العقود في المنصة الموحدة، وتفصيلها بما يحمي كلا الطرفين.
ما أثر تطبيق المادة 77 على الاستقرار الوظيفي في السوق السعودي؟
منذ تفعيل المادة 77 بشكل أوسع في سوق العمل السعودي، برز أثر مزدوج على البيئة الوظيفية. فمن جهة، منحت هذه المادة المنشآت قدرًا كبيرًا من المرونة في إدارة الموارد البشرية، خصوصًا عند مواجهة تحديات اقتصادية أو إعادة هيكلة تنظيمية.
لكن في المقابل، أدّت هذه المرونة إلى شعور عدد من العاملين بعدم الاستقرار، لا سيما في القطاعات الحساسة كالمجال الطبي، والتعليم الأهلي، والتقنيات الناشئة، حيث أصبح الموظف معرضًا للفصل دون أن يشعر بوجود “حماية واقعية” كافية، طالما تم دفع تعويض المادة 77.
وقد لوحظ – وفق تقارير سوق العمل المنشورة من قبل الجهات الرسمية – تزايد القضايا العمالية المقدمة للطعن في قرارات الفصل بناء على هذه المادة، مما يعكس حاجة إلى توازن أكبر بين المرونة والكفاءة من جهة، والأمان والاستدامة من جهة أخرى.

القطاع الصحي والتقني: حالات خاصة لعدم الأمان الوظيفي
في القطاعين الصحي والتقني على وجه الخصوص، تسجل المادة 77 أثرًا ملحوظًا على استقرار الكفاءات. فالموظفون ذوو المهارات العالية غالبًا ما يبحثون عن عقود أكثر ثباتًا، ويبدون تحفظًا من العقود التي لا تحدد صراحة ضوابط الإنهاء.
ومع أن نظام العمل السعودي لم يُلغِ حق العامل في الاعتراض، إلا أن وجود هذه المادة بصيغتها الحالية جعل بعض أصحاب العمل يرونها كأداة تنظيم إداري مشروعة، بينما يشعر العامل أنها قد تُستخدم لإنهاء عقده دون تقييم موضوعي.
بالتالي، فإن المادة 77، برغم قانونيتها، تُحدث خللاً في التوازن النفسي والمهني داخل بعض القطاعات الحساسة، مما يستدعي مزيدًا من التأطير في اللائحة أو عبر نماذج العقود الموحدة المعتمدة من الجهات المختصة.
الأسئلة الشائعة
إليك أهم مايثير التساؤل حول المادة 77 من نظام العمل السعودي:
ما هي المادة 77 في نظام العمل السعودي؟
المادة 77 تُنظّم حالات إنهاء عقد العمل من أي من الطرفين دون سبب مشروع، وتُلزم الطرف المُنهِي بدفع تعويض للطرف الآخر. ويكون التعويض كالتالي: 1- أجر 15 يومًا عن كل سنة خدمة إذا كان العقد غير محدد المدة. 2- أجر المدة المتبقية من العقد إذا كان محدد المدة. 3- ولا تشترط المادة بيان سبب الإنهاء، ما يجعلها مثار جدل قانوني حول حماية العامل.
ما هو نص المادة 77 من نظام العمل السعودي؟
"ما لم يتضمن العقد تعويضًا محددًا مقابل إنهائه من أحد الطرفين لسبب غير مشروع، يستحق الطرف المتضرر تعويضًا عادلًا يقدّره القضاء، مع مراعاة نوع العمل، ومدة الخدمة، والأجر، وظروف الإنهاء."
المادة 77 من نظام العمل السعودي تُعد واحدة من أكثر المواد التي أثارت جدلاً في السنوات الأخيرة، إذ تجمع بين المرونة التنظيمية التي يحتاجها سوق العمل الحديث، وبين الهواجس المشروعة للعاملين بشأن الأمان الوظيفي والتعويض العادل.
وبينما يرى بعض أصحاب العمل أنها أداة فعّالة لإدارة الموارد البشرية، فإن الواقع العملي يُظهر أن غياب التبرير الكافي أو ضعف التوثيق القانوني قد يجعل استخدامها عرضةً للتأويل أو الاستغلال، خاصة في القطاعات التي تعتمد على الكفاءات المتخصصة.
ولهذا، فإن إعادة ضبط تطبيق المادة 77 أصبح ضرورة لضمان توازن العلاقة التعاقدية، سواء عبر: تحديث اللائحة التنفيذية. أو اعتماد نماذج عقود موحّدة أكثر إنصافًا. أو تعزيز الرقابة القضائية والإدارية على قرارات الفصل التي تُبنى عليها.
إذا كنت موظفًا تم فصله بموجب المادة 77، أو صاحب عمل ترغب في التأكد من امتثالك الكامل لنظام العمل السعودي، ولطلب استشارة قانونية متخصصة، يرجى زيارة موقع شركة محاماة في السعودية الآن.
تواصل معنا الآن عبر الأرقام الموجودة في صفحة تواصل معنا، للحصول على تقييم قانوني لحالتك من محامٍ مختص في نظام العمل السعودي. ولا تتخذ قرارًا قبل أن تعرف حقوقك وواجباتك.
المراجع الرسمية المعتمدة في هذا التحليل:
- نظام العمل السعودي – الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/51) وتاريخ 23/8/1426هـ، والمعدّل بآخر التحديثات النظامية لعام 1436هـ.
⟶ النسخة الرسمية من وزارة الموارد البشرية - اللائحة التنفيذية لنظام العمل السعودي – وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وتشمل التوضيحات الإجرائية للمادة 77.
- دليل حقوق العامل وصاحب العمل في السعودية – منشور توعوي صادر عن وزارة الموارد البشرية، يشرح بشكل مبسّط العلاقة التعاقدية وأسس إنهاء العقود والتعويضات.
- قرارات المحاكم العمالية السعودية – أحكام منشورة في بوابة ناجز (najiz.sa) توضح التطبيقات القضائية المتعلقة بالفصل بناءً على المادة 77 والمادة 80 من نظام العمل السعودي.
- تصريحات وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية – حول ضبط استخدام المادة 77 وأهمية التوثيق في قرارات الفصل.
- وثائق رؤية السعودية 2030 – محور “سوق العمل”، الذي يشكّل السياق الإصلاحي للنظام التشريعي الحالي.

عبدالله، محامٍ سعودي ذو خبرة واسعة، يبلغ من العمر 38 عامًا، يتمتع بنظرة ثاقبة وحضور واثق. متخصص في تقديم الاستشارات القانونية وتمثيل العملاء في القضايا المعقدة. يهتم بتعزيز الوعي القانوني ويمتاز بأسلوب واضح واحترافي، ويحرص دائمًا على توظيف خبرته لتحقيق أفضل النتائج لموكليه.





